تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : عبده مباشر يتذكر.. الجمسي قال لي: "مبروك انتصرنا" الساعة 12 ظهر 6 أكتوبر73
source icon

سبوت

.

عبده مباشر يتذكر.. الجمسي قال لي: "مبروك انتصرنا" الساعة 12 ظهر 6 أكتوبر73

أعلن الرئيس أنور السادات في نهاية كلمته يوم 28 سبتمبر 1972 إعادة الكتاب والصحفيين الذين سبق أن فصلهم ابتداء من خريف 1971 وبداية عام 1972 الي أعمالهم ، وبما انني كنت واحدا من المفصولين الذين بلغ عددهم 132 كاتبا وصحفيا، فقد قرأت القرار باعتباره خطوة على طريق المصالحة الوطنية وبما يعني ان مصر تحت قيادته في الطريق لخوض تجربة شديدة الأهمية ولم يكن هناك أهم من انطلاق حرب كنت قد تابعت الاستعداد لها اعتبارا من مايو 1971.

وفي هذا الشهر كان السادات قد تمكن من حسم الصراع علي السلطة مع مجموعة المسئولين الذين رأوا انهم الأحق بالسلطة منه، بعدها مباشرة بدأت عجلة الاستعداد لمعركة هجومية ضد القوات الإسرائيلية في سيناء في الدوران.

وخلال مرحلة الصراع على السلطة ومع اختيار الفريق صادق رئيس الأركان لي لأكون ضابط اتصال بينه وبين الرئيس السادات عبر الأستاذ هيكل لطمأنته أولا ولإحاطته علما بموقف القوات المسلحة والخطوات التي نقوم بها لحماية الشرعية والحفاظ عليها.

وكان محمد صادق قد اختارني لأكون مستشارا صحفيا وسياسيا له وقد أتاح لي ذلك الاقتراب مما يجري داخل القيادة العامة.
وقد تابعت مرحلة إعداد الخطط الهجومية وعمليات التدريب عليها وما واكب ذلك من سعي للحصول على احتياجات القوات المسلحة من الأسلحة والذخائر والمعدات من الاتحاد السوفيتي. وكثيرا ما رافقت الوفود العسكرية التي سافرت الي موسكو للتعاقد على صفقات جديدة او للضغط للحصول على الصفقات التي تم التعاقد عليها.

وخلال شهر سبتمبر 1971 كانت الخطط الهجومية قد اكتملت وكان الباب مفتوحا دائما لتعديل هذه الخطط على ضوء الإمكانيات التي تتوفر بعد استلام الشحنات الجديدة من الأسلحة والمعدات والذخائر. واستقر الرأي على هذه الخطة كما استكملت القوات التدريب عليها.
وفي أول أكتوبر 1973 بدأت مناورات الخريف ولاحظت ان القيادة العامة قد استخدمت مركز القيادة المتقدم في الإشراف على هذه المناورات وتساءلت من جديد هل هي الحرب؟

وفي نفس الوقت كانت هناك معدات وأسلحة تخرج من المخازن التي كنت اعلم انها لا تفتح إلا عند الاستعداد للحرب.
ولم يكن أمامي سوي ان اتابع وأراقب فقد تحمل الأيام أو الساعات القادمة معلومات أو أحداثا توضح لي معني الذي أراه او اسمعه. ومضى اليوم الأول من أكتوبر وليس هناك من إجابة.

واستيقظت يوم الثلاثاء الثاني من أكتوبر مبكرا ورأسي مشحون بالمعلومات وكان وزير الحربية أحمد إسماعيل علي  قد زار الجبهة وطلب من القادة حتى مستوي قيادة اللواء توقيع وثيقة بخط اليد يذكر فيها كل منهم قدرته على تنفيذ المهام المكلف بها في الخطة.

 ومثل هذه الخطوة مثلت لي اقتراب القيادة العامة من موعد انطلاق الهجوم المصري.

وقبل صلاة العشاء زارني صديق من القوات البحرية فجأة وبدون موعد سابق ودون اتصال تليفوني ليخبرني ان عددا من القطع البحرية قد أبحرت في البحر المتوسط غربا وفي البحر الأحمر جنوبا.

وتلك التي أبحرت غربا تم الإعلان أن الهدف هو الاشتراك في مناورة الخريف. أما التي أبحرت جنوبا فتحركت تحت ستار زيارة موانئ بور سودان وجيبوتي وعدن ثم الي باكستان.

وكان مع كل القادة مظاريف مغلقة لا تفتح إلا بعد اتصال القيادة البحرية بهم.

 وقال القائد ان الأهداف الحقيقية لا علاقة لها لا بالمناورة ولا بزيارة باكستان، فكل مجموعة لها دور محدد في خطة العمليات وكان الاستنتاج أن القطع البحرية في البحر الأحمر والتي تضم غواصتين بصحبة عدد من المدمرات والفرقاطات ستتولى إغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة الإسرائيلية.
وبعد أن غادر ضيفي اتصلت بالأستاذ هيكل وطلبت ان أراه فقال تعالي الآن، وفي مكتبه بالأهرام أخبرته بما سمعته وبدت عليه علامات الدهشة والمفاجأة وبما أكد انه لم يكن يعلم بذلك، في حين أن كل ما كنت أخبره به من قبل بدا دائما وكأنه يعلمه.

وقبل ان ينتصف نهار الأربعاء الثالث من أكتوبر أخبرني صديق بالقوات الجوية أن وزير الحربية سافر الي سوريا في مهمة سرية أمس الثلاثاء.
وهذه الزيارة تعني مزيدا من التنسيق مع القيادات السورية وبما يِؤكد أن موعد انطلاق الحرب قد اقترب جدا، وعلمت ان سلاح المهندسين بدأ في نقل كباري الاقتحام الثقيلة إلي الجبهة، إنها الحرب إذن فمثل هذه الكباري لا مكان لها في المناورات.

ومرة أخري يفاجأ هيكل بخبر نقل كباري الاقتحام، كان يتوقع مثل هذه الخطوة ولكنه لم يفكر ان هذا هو موعدها في الخطة.

وبذلت جهدا متواصلا يوم الخميس 4 أكتوبر لمكالمة اللواء المهندس جمال محمد علي مدير سلاح المهندسين وأخيرا تمت المكالمة وفي البداية سألته عن عدد الكتائب تحت قيادته والتي ستتحمل مسئوليات فتح ممرات في الساتر الترابي وإنشاء الكباري، فقال لي لن تصدق ما سأقوله ان عدد كتائب المهندسين يتجاوز عدد كتائب المشاة و تطرقنا الي مجالات أخري.

وصباح يوم الجمعة الخامس من أكتوبر ذهبت الي النادي مبكرا، متوقعا ان التقي باللواء محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي ولكنه لم يحضر وكان لغيابه معني واحد.
وعلمت ان رئيس الأركان قد توجه الي الجبهة والتقي بقائدي الجيشين الثاني والثالث بعدها عاد الي مركز 10 مقر القيادة الآن، وقد وصلت أربع طائرات نقل سوفيتية كبيرة الى مصر الليلة السابقة لنقل الخبراء والعائلات السوفيتية.

وهذا الإجراء يعني ان السوفييت قد علموا من الرئيس حافظ الأسد يوم 4 أكتوبر أن الحرب سوف تبدأ لذا استأذنوا القاهرة ودمشق لإجلاء رعايا لهم حتى وان لم يعلموا بتوقيت بدء المعركة، ولكن الحرب تدق أبواب التاريخ، ولم أكن في حاجة الي المزيد.

وصباح يوم السادس من أكتوبر احتفظت براديو صغير حتى لا يفوتني البيان رقم 1 وما سيتتبعه من بيانات.
أما خطة العمل فسوف أناقشها مع الأستاذ هيكل وكنت قد بلغته بالأمس أن بيننا وبين بدء الحرب عدد محدود من الساعات فشكرني.
وانفجر البركان وبدأ اجتماع التحرير برئاسة هيكل عقب إذاعة البيان الأول وتمت مناقشة خطة العمل، وفوجئت بالأستاذ هيكل يخاطبني بصوت عال ويقول ليست عندي مشكلة اسمها احمد إسماعيل وعبده مباشر، إنك ستتولى دسك الحرب وستوضع أمامك كل التقارير والأخبار والمعلومات لتقوم بأعدادها وسيعاونك كل من اللواء حسن البدري والعميد محمد فيصل عبد المنعم.
وكان يشير بذلك إلى الخلاف الذي نشب بيني وبين احمد إسماعيل في أعقاب إعفائه من منصب رئيس الأركان وتعيين الفريق صادق رئيسا جديدا للأركان.
وكان هيكل قد نشر في أعقاب هذا القرار ما قاله الرئيس عبد الناصر من انه قرر الدفع بقيادات شابة الي موقع المسئولية بدلا من قيادات تقدم بها العمر ولم تتمكن من ملاحقة التطور.
وكان هيكل قد كتب ذلك تحت "كتب المحرر العسكري للأهرام".
فطلبني أحمد إسماعيل تليفونيا وعاتبني على هذه الإساءة خاصة وأنه لم يسبق أن أساء إلي، فأقسمت له بالله ان الذي كتب ذلك هو الأستاذ هيكل، وقلت انه لا صلة لي بعبد الناصر وان الرئيس قد قال ذلك للأستاذ هيكل.
فأصر انني أكتب تحت "كتب المحرر العسكري للأهرام" أما هيكل فيكتب تحت "كتب المحرر السياسي للأهرام" ، ولم أستطع إقناعه.
وطلبت اللواء محمد عبد الغني الجمسي وهو صديق منذ زمن طويل وفي نفس الوقت له علاقة وثيقة باللواء احمد إسماعيل فقد عمل تحت قيادته عقب هزيمة يونية 1967 عندما أسندت اليه مسئولية قيادة الجبهة ككل، وكان الجمسي هو رئيس الأركان. واتصل به وأوضح له، ثم عاد ليتحدث معي تليفونيا ويخبرني انه لم ينجح في مسعاه.
وعقب انتهاء الاجتماع صحبني الأستاذ هيكل وذهبنا الي مكتبه وهناك قال لي ان المراسل الحربي يشهد معركة واحدة في حياته وتكون هي فرصته وقال الان حانت فرصتك وأريد ان أري ماذا سوف تفعل؟.. ثم قال اذهب واصنع مجدا لك ومجدا للأهرام..
وقد كان، في صباح السابع من أكتوبر كنت اول من وصل الجبهة من المراسلين الحربيين، وهنا لابد من الإشارة الى أنني طلبت اللواء الجمسي في الساعة الثانية عشر ظهر يوم 6 أكتوبر فقال مؤكدا: لقد انتصرنا،  فإسرائيل لم تشن حربا وقائية ضد قواتنا ولم توجه ضربة إجهاض طوال الساعات الماضية، والآن .. حتى لو حاولت التدخل فأنها لن تتمكن من منع القوات المصرية المسلحة من المضي قدما على طريق الانتصار.

قال لي اللواء الجمسي في الساعة الثانية عشر ظهر يوم 6 أكتوبر: لقد انتصرنا

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية